مركز دراسات البينة / عبدالرضا المالكي في السنوات الاخيرة عمت في الادبيات السياسية واجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فوبيا جديدة، ارتبطت بانتهاء الحرب الباردة،
وتفرد الادارة الامريكية بالهيمنة على صناعة القرارات الاممية. هذه الفوبيا تدعى احيانا بالتكنولوجيا النووية، وفيما ندر بالسلاح النووي مع الفرق الشاسع بين المسميين، ان لكل فعل ردة فعل، والمنطقي ان ترفض الشعوب المحبة للسلام المعايير المزدوجة لما يدعى بالشرعية الدولية. المنطقي ان يحاسب العرب والمسلمين على محاولتهم حيازة الاسلحة النووية حين يتم نزع اسلحة الدمار الشامل من المنطقة باسرها اما غض النظر عن الكيان الاسرائيلي، وتمكينه من امتلاك مختلف اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك السلاح النووي، فليس لذلك من معنى سوى اعطائه الضوء الاخضر لمواصلة عدوانه وهو منطق متحيز ينبغي عدم القبول به، في كل الاحوال. السلاح النووي الذي اصبح مجرد الحديث عنه امرا يثير الخوف والرعب، لم يتم استخدامه حتى الان في اية قوة من العالم (غير المتحضر) وقد انفردت امريكا باستخدام هذا السلاح المدمر ضد اليابان ونظريا على الاقل، كان امتلاك الاتحاد السوفيتي لهذا السلاح منذ العام 1949 وقدرته على مواجهة امريكا به، وهو الذي حال بينها وبين مواصلة استخدامه في مناطق اخرى ولم يعد بامكان اي من القطبين استخدام هذا السلاح في الحروب التي اعقبت امتلاك السوفيت له، فكان ان تحولت القوة النووية الى سلاح ردع، يستحيل على اية قوة استخدامها ضد الاخرى لان معنى ذلك دمار القوتين العظميين وربما دمار شامل للعالم. وخلال الحرب الباردة، كان احد المعالم البارزة نزوح القوتين نحو سباق التسلح كان كل منهما يسعى الى امتلاك رؤوس نووية اكبر، وقوة تدميرية اعلى. وكان الصراع في الجانب الاخر، يتركز على ايجاد طرق انذار مبكر، وخلق اسلحة مضادة تعترض السلاح النووي قبل وصوله الى هدفه، كما تعتمد على سرعة المباغتة او المفاجأة والتهرب من وسائل الانذار، وهكذا انشأ كل طرف ترسانة تدميرية هائلة قادرة على اقتلاع الكرة الارضية والقضاء على كل انواع الحياة فيها. بعد نهاية الحرب الباردة وجدت مناخات مختلفة، حدت من سباق التسلح، ربما الى حين وادراكا من الدول الكبرى التي تمتلك السلاح النووي لما يضفيه امتلاك هذا السلاح عليها من مزايا في فرض الهيمنة على الدول الاخرى وصياغة السياسات الدولية، وفقا لمصالحها الخاصة، فانها وضعت خطوطا حمر على الدول الاخرى، لكن ذلك لم يمنع بعض دول العالم الثالث من التفكير جديا في استثمار الطاقة النووية لاغراض سلمية، واقيمت عدة مفاعلات نووية صغيرة في عدد من تلك الدول، لكن حكومات اخرى تجاوزت الخطوط الحمر، وكانت المعايير المزدوجة التي حكمت سياسات الادارات الامريكية المتعاقبة قد اتاحت لكيانات حليفة لها الدخول في النادي النووي دون ان تتعرض لابتزاز من هيئة الطاقة الذرية او ارهاب الدول الكبرى، وفي مقدمة تلك الكيانات (الكيان الصهيوني) وبرغم رفضه باستمرار التفتيش على منشآته النووية فانه بقى بسبب المساندة الامريكية، بمنأى عن الضغط والعقوبات والتفتيش. وكانت جنوب افريقيا (العنصرية): هي المثل الاخر الصارخ على ازدواجية المعايير. فهذه الدولة، برغم وقوف العالم باسره ضد نهجها العنصري انذاك، وصدور قرارات بفرض حصار اممي بحقها، فانها امتلكت ترسانة نووية كبيرة، دون اعتراض الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي على تلك، والغرابة في الامر ان تلك السياسة تبدلت راسا على عقب اثر تسلم (نيلسون مانديلا) للسلطة بعد انهيار النظام العنصري، اذ اصرت الاسرة الدولية (الآمرة) بقيادة امريكا وحلفائها الاوربيين على تفكيك الترسانة النووية لجنوب افريقيا كأحد الاثمان التي لابد من دفعها من قبل الافريقيين للحصول على استقلالهم. هذه المعادلة الجائرة تبقى سيفا مسلطا على الامن القومي لكل دولة من دول العالم الثالث، ولابد من ايجاد حل لها، فاما نزع اسلحة الدمار الشامل من المنطقة باسرها او تمكين اية دولة من امتلاك التقنية النووية للاغراض السلمية ومن حقها كذلك امتلاك السلاح الذي تدافع فيه عن وجودها وأمنها. ولكن بالرغم ما اشرنا اليه فهناك موضوع ذات الصلة وهو خطورة الطاقة النووية على (التنمية المستدامة) فقد اتسعت الدعوات الى ضرورة استخدام الطاقة النووية عربيا وخرج علينا مؤيديو تلك الدعوات باحصاءات واحتمالات وتنبؤات تجعل تلك الطاقة الحل الوحيد الذي لن تتمكن المجتمعات العربية من دونه توفير الكهرباء لمستهلكي المستقبل ولا اثارة ظلمة الاجيال المقبلة، ونسوا او تناسوا طاقات خلقت نظيفة مسخرة دائبة فتغاضوا عن طاقة الشمس المشعة بلا غيوم على طول وعرض الصحارى العربية، وطاقة القمر الساطع في سماء الشواطئ العربية الطويلة يرفع ويخفض البحر كل نهار وليلة، كما يبدو انهم صرفوا النظر عن موجودات النفط والغاز وبحور لا حدود لها تسبح فوقها معظم الارض العربية من باب الحرص البيئة والتنمية المستدامة او من باب خشية النضوب او حرصا على اولوية التصدير. ولعل سذاجة الذرائع التي تطرح في مجال استخدام الطاقة النووية تخفي اسبابا غير مصرح عنها وان كانت غنية يرواع المصالح الخاصة. فهل تمكنت المصالح الغربية ووكلاؤها اخيرا من انتزاع الموافقة الرسمية عربيا فقد الاتجاه نحو استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية جادا بعد ان تراوح الحديث عنها، فيما مضى، بين رفض وقبول او شروع فعدول؟.. طال واتسع النقاش والجدال حول استخدام الطاقة النووية عربيا على نحو يشير الى تردد مقبول وخشية مبررة، فقرار استخدام الطاقة النووية يعد قرارا مصيريا يمس صميم مصالح الشعوب العربية حاليا ومستقبلا بل ويتعلق في كثير من الجوانب، قبل المصلحة، بالوجود والبقاء.. من هنا كان من الضروري اتخاذ مثل هذا القرار المصيري في الدول العربية النظر في مختلف جوانبه واثاره ومن ذلك على وجه الخصوص ما يتعلق بالبيئة والسلامة والامن والتكلفة الباهضة وكما يلي: أولاً : ما يتعلق بالحفاظ على البيئة وعلاقة الطاقة النووية بما يدعى بالتنمية المستدامة فانه من الغريب ان يقرن معظم المروجين لاستخدام الطاقة النووية بينها وبين التنمية المستدامة وصداقة البيئة في حين تعد الطاقة النووية اكبر عدو للبيئة من حيث خطر التسرب ومن حيث مشكلة التخلص من النفايات، ان هدف الحفاظ على البيئة بالحد من التلوث الذي بسببه استخدام النفط ومشتقاته هدف نبيل ومهم، لكن اللجوء الى الطاقة النووية بهدف الحد من التلوث الناجم عن الافراط في استخدام النفط ومشتقاته سيوقعنا في خطر تلوث ما حق تمثله الطاقة النووية يبدو التلوث النفطي امامه بسيطا لا يذكر. والشواهد على صحة ماذهبنا اليه واضحة فيما حدث في (تشيرنوبل) وفي تسربات وتلوثات اخرى غير معلن عنها في الولايات المتحدة الامريكية اضافة الى آثار استخدام الاسلحة النووية (الخفيفة) على النحو الذي اظهرت معالمه تشوها في الاجنة وزيادة في الاورام في عدد من الدول العربية خصوصا العراق وفيتنام والاراضي القريبة من مفاعل (اسرائيل) والبحر الميت اذ تجري (اسرائيل) تجاربها النووية. ثانياً : ان التأكيد بان الطاقة النووية تستخدم لانتاج الكهرباء وللاغراض السلمية الاخرى قد يوحي الى ان خطر الطاقة النووية يتمثل في استخداماتها العسكرية فقط في حين ان خطرها يستوي فيه الى حد كبير الاستخدام العسكري (التفجير بالقنابل) والتسرب (المدني السلمي) فاذا كانت الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية تمثل القتل المتعمد فان التسرب يمثل انتحارا قد يقع بلا حدود وبلا انذار ليشكل الكوارث الكبرى المروعة. ثالثاً : اما من حيث الاحتجاج والذرائع بنضوب مصادر الطاقة الحالية من نفط وغاز وضرورة الحفاظ على تلك المصادر التي هي في رأي المختصين، اولى بالتصدير، فان الذريعة بنضوب الموارد المعدة للتصدير لابد من ان يقابل بتساؤل عن نصيب المواطن العربي بالكهرباء قبل التفكير في تصديرها، او حجزها بانتظار استثمار اجنبي او مستوطنين جدد. رابعاً : ان الحاح بل طغيان المصالح الخاصة على تسويق الطاقة النووية الى المنطقة العربية يبدو واضحا اذا اخذ في نظر الاعتبار ان تجارة المحطات اياها صارت تجارة بائرة بعد حوادث التسرب المفضوحة التي تمت الاشارة اليها، وعليه فان تسويق تلك المحطات وبناءها بعد حوادث التسرب تلك يلقى مقاومة ومعارضة صريحة من غالبية مواطني الشمال المتقدم الذين آثروا التوجه نحو الطاقة النظيفة (10%) من الطاقة المستخدمة في انتاج الكهرباء والتدفئة في المانيا هي طاقة شمسية مع قلة سطوع الشمس هناك مقارنة بالمنطقة العربية. خامساً : اما التبعية فتتمثل في ان العرب لا يملكون من الطاقة النووية سوى دفع تكاليفها الباهضة لمحتكر اجنبي يحتكر احتكارا تاما انتاج موادها الاولية وكوادرها الفنية ونظم ادارتها وتشغيلها وامنها والتحكم في اسلوب التخلص من نفاياتها وهي ام الكوارث للبيئة على نحو يجعلنا نؤكد هنا ما سبق ونوهنا اليه من ان الاتجاه نحو استخدام الطاقة النووية عربيا يضيف الى اصفاد التبعية العربية محكما يلف العنق بعد ان كبلت قيود المنشآت النفطية الخليجية وقيود الفجوة الغذائية وفجوة التقنية (الايدي والاقدام). سادساً : ومن حيث التكلفة فقد اشارت بعض الدراسات الى ان كلفة انتاج الكيلو واط من انشاءات بناء المحطات لتوليد الغاز لا تزيد على (350) دولارا، اما في المحطة النووية فتصل الكلفة الى (2000) دولار للكيلو واط وذلك من دون ان تحتسب تكاليف الاضرار البيئية او تكاليف معالجة تلك الاضرار وفق متطلبات التنمية المستدامة.
وتفرد الادارة الامريكية بالهيمنة على صناعة القرارات الاممية. هذه الفوبيا تدعى احيانا بالتكنولوجيا النووية، وفيما ندر بالسلاح النووي مع الفرق الشاسع بين المسميين، ان لكل فعل ردة فعل، والمنطقي ان ترفض الشعوب المحبة للسلام المعايير المزدوجة لما يدعى بالشرعية الدولية. المنطقي ان يحاسب العرب والمسلمين على محاولتهم حيازة الاسلحة النووية حين يتم نزع اسلحة الدمار الشامل من المنطقة باسرها اما غض النظر عن الكيان الاسرائيلي، وتمكينه من امتلاك مختلف اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك السلاح النووي، فليس لذلك من معنى سوى اعطائه الضوء الاخضر لمواصلة عدوانه وهو منطق متحيز ينبغي عدم القبول به، في كل الاحوال. السلاح النووي الذي اصبح مجرد الحديث عنه امرا يثير الخوف والرعب، لم يتم استخدامه حتى الان في اية قوة من العالم (غير المتحضر) وقد انفردت امريكا باستخدام هذا السلاح المدمر ضد اليابان ونظريا على الاقل، كان امتلاك الاتحاد السوفيتي لهذا السلاح منذ العام 1949 وقدرته على مواجهة امريكا به، وهو الذي حال بينها وبين مواصلة استخدامه في مناطق اخرى ولم يعد بامكان اي من القطبين استخدام هذا السلاح في الحروب التي اعقبت امتلاك السوفيت له، فكان ان تحولت القوة النووية الى سلاح ردع، يستحيل على اية قوة استخدامها ضد الاخرى لان معنى ذلك دمار القوتين العظميين وربما دمار شامل للعالم. وخلال الحرب الباردة، كان احد المعالم البارزة نزوح القوتين نحو سباق التسلح كان كل منهما يسعى الى امتلاك رؤوس نووية اكبر، وقوة تدميرية اعلى. وكان الصراع في الجانب الاخر، يتركز على ايجاد طرق انذار مبكر، وخلق اسلحة مضادة تعترض السلاح النووي قبل وصوله الى هدفه، كما تعتمد على سرعة المباغتة او المفاجأة والتهرب من وسائل الانذار، وهكذا انشأ كل طرف ترسانة تدميرية هائلة قادرة على اقتلاع الكرة الارضية والقضاء على كل انواع الحياة فيها. بعد نهاية الحرب الباردة وجدت مناخات مختلفة، حدت من سباق التسلح، ربما الى حين وادراكا من الدول الكبرى التي تمتلك السلاح النووي لما يضفيه امتلاك هذا السلاح عليها من مزايا في فرض الهيمنة على الدول الاخرى وصياغة السياسات الدولية، وفقا لمصالحها الخاصة، فانها وضعت خطوطا حمر على الدول الاخرى، لكن ذلك لم يمنع بعض دول العالم الثالث من التفكير جديا في استثمار الطاقة النووية لاغراض سلمية، واقيمت عدة مفاعلات نووية صغيرة في عدد من تلك الدول، لكن حكومات اخرى تجاوزت الخطوط الحمر، وكانت المعايير المزدوجة التي حكمت سياسات الادارات الامريكية المتعاقبة قد اتاحت لكيانات حليفة لها الدخول في النادي النووي دون ان تتعرض لابتزاز من هيئة الطاقة الذرية او ارهاب الدول الكبرى، وفي مقدمة تلك الكيانات (الكيان الصهيوني) وبرغم رفضه باستمرار التفتيش على منشآته النووية فانه بقى بسبب المساندة الامريكية، بمنأى عن الضغط والعقوبات والتفتيش. وكانت جنوب افريقيا (العنصرية): هي المثل الاخر الصارخ على ازدواجية المعايير. فهذه الدولة، برغم وقوف العالم باسره ضد نهجها العنصري انذاك، وصدور قرارات بفرض حصار اممي بحقها، فانها امتلكت ترسانة نووية كبيرة، دون اعتراض الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي على تلك، والغرابة في الامر ان تلك السياسة تبدلت راسا على عقب اثر تسلم (نيلسون مانديلا) للسلطة بعد انهيار النظام العنصري، اذ اصرت الاسرة الدولية (الآمرة) بقيادة امريكا وحلفائها الاوربيين على تفكيك الترسانة النووية لجنوب افريقيا كأحد الاثمان التي لابد من دفعها من قبل الافريقيين للحصول على استقلالهم. هذه المعادلة الجائرة تبقى سيفا مسلطا على الامن القومي لكل دولة من دول العالم الثالث، ولابد من ايجاد حل لها، فاما نزع اسلحة الدمار الشامل من المنطقة باسرها او تمكين اية دولة من امتلاك التقنية النووية للاغراض السلمية ومن حقها كذلك امتلاك السلاح الذي تدافع فيه عن وجودها وأمنها. ولكن بالرغم ما اشرنا اليه فهناك موضوع ذات الصلة وهو خطورة الطاقة النووية على (التنمية المستدامة) فقد اتسعت الدعوات الى ضرورة استخدام الطاقة النووية عربيا وخرج علينا مؤيديو تلك الدعوات باحصاءات واحتمالات وتنبؤات تجعل تلك الطاقة الحل الوحيد الذي لن تتمكن المجتمعات العربية من دونه توفير الكهرباء لمستهلكي المستقبل ولا اثارة ظلمة الاجيال المقبلة، ونسوا او تناسوا طاقات خلقت نظيفة مسخرة دائبة فتغاضوا عن طاقة الشمس المشعة بلا غيوم على طول وعرض الصحارى العربية، وطاقة القمر الساطع في سماء الشواطئ العربية الطويلة يرفع ويخفض البحر كل نهار وليلة، كما يبدو انهم صرفوا النظر عن موجودات النفط والغاز وبحور لا حدود لها تسبح فوقها معظم الارض العربية من باب الحرص البيئة والتنمية المستدامة او من باب خشية النضوب او حرصا على اولوية التصدير. ولعل سذاجة الذرائع التي تطرح في مجال استخدام الطاقة النووية تخفي اسبابا غير مصرح عنها وان كانت غنية يرواع المصالح الخاصة. فهل تمكنت المصالح الغربية ووكلاؤها اخيرا من انتزاع الموافقة الرسمية عربيا فقد الاتجاه نحو استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية جادا بعد ان تراوح الحديث عنها، فيما مضى، بين رفض وقبول او شروع فعدول؟.. طال واتسع النقاش والجدال حول استخدام الطاقة النووية عربيا على نحو يشير الى تردد مقبول وخشية مبررة، فقرار استخدام الطاقة النووية يعد قرارا مصيريا يمس صميم مصالح الشعوب العربية حاليا ومستقبلا بل ويتعلق في كثير من الجوانب، قبل المصلحة، بالوجود والبقاء.. من هنا كان من الضروري اتخاذ مثل هذا القرار المصيري في الدول العربية النظر في مختلف جوانبه واثاره ومن ذلك على وجه الخصوص ما يتعلق بالبيئة والسلامة والامن والتكلفة الباهضة وكما يلي: أولاً : ما يتعلق بالحفاظ على البيئة وعلاقة الطاقة النووية بما يدعى بالتنمية المستدامة فانه من الغريب ان يقرن معظم المروجين لاستخدام الطاقة النووية بينها وبين التنمية المستدامة وصداقة البيئة في حين تعد الطاقة النووية اكبر عدو للبيئة من حيث خطر التسرب ومن حيث مشكلة التخلص من النفايات، ان هدف الحفاظ على البيئة بالحد من التلوث الذي بسببه استخدام النفط ومشتقاته هدف نبيل ومهم، لكن اللجوء الى الطاقة النووية بهدف الحد من التلوث الناجم عن الافراط في استخدام النفط ومشتقاته سيوقعنا في خطر تلوث ما حق تمثله الطاقة النووية يبدو التلوث النفطي امامه بسيطا لا يذكر. والشواهد على صحة ماذهبنا اليه واضحة فيما حدث في (تشيرنوبل) وفي تسربات وتلوثات اخرى غير معلن عنها في الولايات المتحدة الامريكية اضافة الى آثار استخدام الاسلحة النووية (الخفيفة) على النحو الذي اظهرت معالمه تشوها في الاجنة وزيادة في الاورام في عدد من الدول العربية خصوصا العراق وفيتنام والاراضي القريبة من مفاعل (اسرائيل) والبحر الميت اذ تجري (اسرائيل) تجاربها النووية. ثانياً : ان التأكيد بان الطاقة النووية تستخدم لانتاج الكهرباء وللاغراض السلمية الاخرى قد يوحي الى ان خطر الطاقة النووية يتمثل في استخداماتها العسكرية فقط في حين ان خطرها يستوي فيه الى حد كبير الاستخدام العسكري (التفجير بالقنابل) والتسرب (المدني السلمي) فاذا كانت الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية تمثل القتل المتعمد فان التسرب يمثل انتحارا قد يقع بلا حدود وبلا انذار ليشكل الكوارث الكبرى المروعة. ثالثاً : اما من حيث الاحتجاج والذرائع بنضوب مصادر الطاقة الحالية من نفط وغاز وضرورة الحفاظ على تلك المصادر التي هي في رأي المختصين، اولى بالتصدير، فان الذريعة بنضوب الموارد المعدة للتصدير لابد من ان يقابل بتساؤل عن نصيب المواطن العربي بالكهرباء قبل التفكير في تصديرها، او حجزها بانتظار استثمار اجنبي او مستوطنين جدد. رابعاً : ان الحاح بل طغيان المصالح الخاصة على تسويق الطاقة النووية الى المنطقة العربية يبدو واضحا اذا اخذ في نظر الاعتبار ان تجارة المحطات اياها صارت تجارة بائرة بعد حوادث التسرب المفضوحة التي تمت الاشارة اليها، وعليه فان تسويق تلك المحطات وبناءها بعد حوادث التسرب تلك يلقى مقاومة ومعارضة صريحة من غالبية مواطني الشمال المتقدم الذين آثروا التوجه نحو الطاقة النظيفة (10%) من الطاقة المستخدمة في انتاج الكهرباء والتدفئة في المانيا هي طاقة شمسية مع قلة سطوع الشمس هناك مقارنة بالمنطقة العربية. خامساً : اما التبعية فتتمثل في ان العرب لا يملكون من الطاقة النووية سوى دفع تكاليفها الباهضة لمحتكر اجنبي يحتكر احتكارا تاما انتاج موادها الاولية وكوادرها الفنية ونظم ادارتها وتشغيلها وامنها والتحكم في اسلوب التخلص من نفاياتها وهي ام الكوارث للبيئة على نحو يجعلنا نؤكد هنا ما سبق ونوهنا اليه من ان الاتجاه نحو استخدام الطاقة النووية عربيا يضيف الى اصفاد التبعية العربية محكما يلف العنق بعد ان كبلت قيود المنشآت النفطية الخليجية وقيود الفجوة الغذائية وفجوة التقنية (الايدي والاقدام). سادساً : ومن حيث التكلفة فقد اشارت بعض الدراسات الى ان كلفة انتاج الكيلو واط من انشاءات بناء المحطات لتوليد الغاز لا تزيد على (350) دولارا، اما في المحطة النووية فتصل الكلفة الى (2000) دولار للكيلو واط وذلك من دون ان تحتسب تكاليف الاضرار البيئية او تكاليف معالجة تلك الاضرار وفق متطلبات التنمية المستدامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق