مقالات مختارة للكاتب الراحل جلال عامر .. وقُيدت القضية ضد مرزوق
بقلم جلال عامر ١٧/ ٣/ ٢٠١٢
بقلم جلال عامر ١٧/ ٣/ ٢٠١٢
كان «مرزوق» يحمى الفساد فأصبح يحميه الفساد.. وعندما أحيل «مرزوق» إلى المعاش المبكر أحيل بعدها إلى النيابة لارتكابه مخالفات فظيعة أثناء تأدية وظيفته.. وقال البعض إنه لن يحاكم، وقال قلبى أراها ولن أحب سواها، ولأن حارتنا ينخفض فيها مستوى المعيشة ويرتفع فيها معدل الجرائم، لذلك أردنا أن نستفيد من محاكمة «مرزوق»، ورب ضارة نافعة. فتحولت حارتنا إلى «بوفيه مفتوح» لكل أنواع الجرائم: سرقة بالإكراه، واغتصاب مع هتك عرض خفيف، وحرق ممتلكات مع التسخين المستمر، وقتل مع تشويه متوسط.. واتفقنا إذا قبضوا على تاجر مخدرات أن يقول أمام النيابة «مرزوق يا بيه»، وإذا أمسكوا لصاً أدلى بأوصاف «مرزوق»، وامتنعنا عن الذهاب للعمل بحجة زيارة «مرزوق» فى المستشفى ومتابعته، حتى الضابط تعلم إذا عثر على جثة أو قامت حريقة أن يكتب فى المحضر «وقيدت القضية ضد مرزوق». وتم تعديل قانون العقوبات ليعفينا جميعاً ويدين مرزوق «إذ كان القانون فيه زينب فأصبح فيه مرزوق»، وأصبح القانون يقول «إذا ارتكب مرزوق كذا يعاقب بكذا»، فالقانون لا يتحدث الآن إلا عن «مرزوق» ولا يخضع له إلا «مرزوق»، وصممنا أن ينص القانون على اسم «مرزوق» رباعياً حتى لا يحدث خلط ويدان برىء منا، وتطور الأمر وأصبح من يشكو مغصاً أو صداعاً أو تأخر الإنجاب يتهم «مرزوق».. أصبحت المخدرات علنية والسرقة مستباحة ومخالفة المرور هواية وكلها جرائم يرتكبها «مرزوق» بالريموت عن بعد ونتمتع نحن بالحصانة. وقال شاب يعشق البلطجة ويؤجر الموتوسيكلات «اللى مالوش مرزوق يشترى له مرزوق» وقال عجوز يهوى الألعاب النارية «مرزوق فى الوظيفة يحمى الكبار، ومرزوق فى المعاش يحمى الصغار».. كنا قد تعودنا أن نأخذ أجراً دون عمل وأن نرتكب الجريمة دون عقاب، لذلك عندما رأينا فى المحكمة أن «الديب» يحرس الغنم، وأن «مرزوق» ينكر التهم ووجهه شاحب وقد يموت ويسدل الستار أصابنا الفزع، فقد نضطر إذا شعرنا بالجوع أن نذهب إلى العمل، وإذا ارتكبنا جريمة أن نذهب إلى السجن، وإذا أصابنا صداع أن نذهب إلى الطبيب، لذلك دعونا الله بعد صلاة التراويح أن يبعد عنا هذه المحنة وقلنا (يا رب خلى لنا مرزوق وطوّل لنا عمره وأكثر من جلساته). |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق